وجه رئيس مجلس المستشارين محمد ولد الرشيد ردًا حازمًا على الاتهامات التي أثارها رئيس البرلمان الجزائري، خلال أشغال الجمعية الـ151 للاتحاد البرلماني الدولي بحنيف، مؤكداً أن “أبشع الانتهاكات الإنسانية هي تلك التي تُرتكب باسم الإنسانية نفسها ضد سكان مخيمات تندوف”.
وخلال جلسة النقاش المخصصة لموضوع “الالتزام بالمعايير الإنسانية ودعم العمل الإنساني في أوقات الأزمات”، شدد ولد الرشيد على أن المؤسف هو “تحويل هذا الفضاء الإنساني الرفيع أحيانًا إلى منصة لترويج مغالطات مغلفة بشعارات التضامن ومساعدة اللاجئين، في محاولة لتزييف الواقع المأساوي المزمن الذي يعيشه المحتجزون في مخيمات تندوف”.
وأوضح أن سكان هذه المخيمات يعيشون منذ أكثر من خمسة عقود في ظروف لا إنسانية وخارج أي إطار قانوني، محرومين من أبسط حقوقهم الأساسية، في وقت تُمنع فيه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من إجراء الإحصاء، ويُجند الأطفال قسرًا، وتُستغل المساعدات الإنسانية في انتهاك صارخ للقانون الدولي والمعايير الإنسانية.
وفي المقابل، أبرز رئيس مجلس المستشارين أن المغرب يقدم نموذجًا رائدًا في صون الكرامة الإنسانية وضمان العيش الكريم، حيث يتمتع سكان الصحراء المغربية بكامل حقوقهم السياسية والمدنية، ويشاركون بحرية في اختيار ممثليهم وتدبير شؤونهم المحلية والوطنية، ضمن تجربة ديمقراطية راسخة ونهضة تنموية شاملة يقودها محمد السادس.
وأشار إلى أن الصحراء المغربية تحولت اليوم إلى فضاء للحرية والمشاركة والتنمية الحقيقية، وتجسيد فعلي لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، باعتبارها الحل السياسي الواقعي والعادل وذي المصداقية، والذي يحظى بدعم متزايد من المجتمع الدولي لكونه يكرس الوحدة الوطنية ويضمن التنمية والكرامة لجميع أبناء المنطقة.
وأضاف ولد الرشيد أن موضوع الدورة يحمل أبعادًا إنسانية نبيلة تستحق المعالجة بجدية ومسؤولية، لأنه يتعلق بالضمير الإنساني المشترك وبقدرة البرلمانات على حماية القيم التي تصون الكرامة الإنسانية في أوقات الأزمات.
واستعرض المسؤول البرلماني المغربي جهود المملكة في ترسيخ القيم الإنسانية، مذكرًا بموقف المغرب الثابت بقيادة الملك الداعي إلى الوقف الفوري والشامل لإطلاق النار في غزة، ورفض كل أشكال التهجير القسري والعقاب الجماعي، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية.
كما أشار إلى أن المغرب، وبتعليمات ملكية، سارع إلى إرسال مساعدات غذائية وطبية عاجلة إلى الشعب الفلسطيني، في تعبير عن تضامنه الراسخ، ورحب بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، داعيًا إلى التنفيذ الكامل لبنوده بما يفتح آفاق سلام عادل ودائم في المنطقة.
وأكد ولد الرشيد أن المغرب جعل من الدبلوماسية الإنسانية ركيزة أساسية في سياسته الخارجية، تقوم على التضامن الفعلي والعمل الميداني، لا على الشعارات. وقد تجسد ذلك في المبادرات التي أطلقتها المملكة داخل إفريقيا وخارجها، خاصة خلال جائحة كوفيد-19، من خلال إرسال مساعدات طبية ومستشفيات ميدانية وإحداث المركز الإفريقي للابتكار في الصناعات الدوائية واللقاحات.
وأضاف أن المملكة تواصل التزامها الراسخ بالسلم والأمن الدوليين من خلال إنشاء المركز المغربي المتعدد التخصصات لحفظ السلام سنة 2022، ومساهمتها في العمليات الأممية عبر العالم، حيث شارك أكثر من 74 ألف عنصر مغربي في مهام إنسانية وطبية بمناطق نزاع متعددة.
واختتم رئيس مجلس المستشارين كلمته بالتأكيد على أن الأنظار متجهة إلى هذه المحطة البرلمانية الدولية لما تحمله من آمال في الخروج بنتائج عملية تعزز مكانة المعايير الإنسانية الدولية وتمنح العمل الإنساني بعدًا عمليًا فاعلًا.
